برز العديد من الأسئلة عقب استقالة ناصر اللوزي، قبل أيام، من موقعه رئيسا لمجلس إدارة “الملكية الأردنية”، وتعيين سليمان الحافظ خلفا له، وهو الذي يشغل أيضاً موقع رئيس صندوق استثمار أموال الضمان الاجتماعي.
فقد غادر اللوزي المنصب الذي شغله مدة ثماني سنوات، باستقالة بدت للبعض مفاجئة ومدعاة لطرح التساؤلات، لاسيما أنها لم تأتِ مبررة من طرف اللوزي أو من قبل الحكومة التي تفاجأت هي أيضا بالاستقالة، فيما تشير معلومات إلى أن تقديم الاستقالة كان قبل عشرة أيام من تاريخ الإعلان عنها رسميا.
اللوزي أنجز جزءا معقولا من المهمة المطلوبة بشأن “الملكية”؛ إذ تم في عهده الاتفاق على تخفيض عدد الطائرات المتفق عليها مع شركة “بوينغ” من 11 طائرة إلى 8 طائرات. كما قلل عدد خطوط الطيران؛ لتنخفض من 60 إلى 53 محطة، تربط الأردن بمختلف بقاع العالم، مع إضافة المحطات المتوقفة بسبب الظروف الأمنية في المنطقة.
في مقابل ذلك، غاب القرار الحكومي اللازم للشروع بتنفيذ حلول لمشاكل “الملكية”. إذ رغم أن العام الحالي شهد اجتماعات طويلة لأجل هذه الغاية، ضمت كبار المسؤولين المعنيين بالملف، مترافقاً ذلك مع بذل جهود كبيرة للتخفيف من هذه المشاكل ضمن خريطة طريق كان يفترض أن تطبّق على مدى الأشهر الماضية؛ إلا أن تردد المسؤولين الحكوميين عطل العمل، فلم تبرز إلى النور حلول جذرية لكثير من المشاكل التي بقيت معلقة.
عقب التغيير على قمة مجلس الإدارة، قيل إن تعيين الحافظ جاء لحل أزمة “الملكية” على حساب مؤسسة الضمان الاجتماعي وأموالها.
هذا التحليل يبدو منطقيا، لكنه صعب التنفيذ فعلياً ضمن معطيات المرحلة. فمن يقود صندوق استثمار أموال مؤسسة “الضمان”؛ أكان الحافظ أم أي شخص سواه، لا يقدر على تجيير أموال المؤسسة لخدمة أي ملف آخر، مهما كانت أهميته، كونه من المعروف للجميع حساسية الأردنيين المفرطة حيال التصرف بأموال “الضمان”، عدا عن أن وجود الشخص في الموقعين، كما هي حال الحافظ الآن، يجعل القرار أكثر دقة وصعوبة، ومسؤولية أكبر، لكلفه العالية مستقبلا.
كذلك، برزت لدى البعض مخاوف أخرى من أن الحافظ جاء لتنفيذ حل نهائي لمشاكل شركة “الملكية”، تطرحه الحكومة في الغرف المغلقة، ويتمثل في تصفية الشركة. وهو الأمر الذي ينفيه مقربون من الحافظ الذي يؤمن أن فكرة تصفية الناقل الوطني ليست إلا قفزة في المجهول، وأن الحلول ما تزال متاحة لإنقاذ “الملكية” التي تقدر إيراداتها السنوية بحوالي 700 مليون دينار، وتشكل مساهمتها في الناتج المحلي الإجمالي نسبة 3 %، فيما يساهم قطاع الطيران ككل بنسبة 6 % من هذا الناتج.
التفكير في التصفية كخيار، يشي بخلل في تقدير الحكومة لأهمية “الملكية”. وهو خيار يتطلب، ابتداء، الإجابة عن عدد من التساؤلات، لاسيما: هل يقدر الأردن في هذه المرحلة الحساسة سياسيا وأمنيا، أن يكون بلا ناقل وطني؟ وهل تستطيع الحكومة تحمل كلف تسريح 4400 موظف في الشركة؟ ومن سيشغّل المطار الجديد الذي تساهم “الملكية” بنسبة 60 % من جهود تشغيله، ويدر على الخزينة ملايين الدنانير سنويا؟
مضى أكثر من عامين على قرار زيادة رأسمال “الملكية” المقدر الآن بحوالي 84 مليون دينار، فيما خسائرها تزيد على نسبة 75 % من رأسمالها. لكن هذا القرار لم ينفذ حتى اليوم، بسبب المماطلة. فبعد أخذ ورد، نرى تكليفا لمؤسسة التمويل الدولية بإجراء دراسة لتقييم أوضاع “الملكية”، ووضع حلول لها؛ وذلك كخطوة جديدة لشراء الوقت فحسب!
بغض النظر عن شخصية من يقود الناقل الوطني، يبقى على الحكومة تحمل مسؤوليتها، وتقديم حل عملي وعادل للجميع، بما فيهم “الضمان الاجتماعي”؛ بعيدا عن فكرة تصفية الشركة، وجعل الأردن بلا “ملكية أردنية” مضى على تأسيسها أكثر من خمسة عقود.